السياسة الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان الانقسام.. هل من أمل في وحدة الموقف؟


السياسة الفلسطينية ليست كأي سياسة في العالم؛ فهي تُمارس تحت نيران الاحتلال، وفي ظل انقسامٍ داخلي يعكس تعقيدات القضية نفسها. بين محاولات الحفاظ على الهوية الوطنية، وضغوط التمويل الدولي، وصراعات الفصائل، تبرز أسئلة جوهرية: هل يمكن للفلسطينيين صياغة استراتيجية موحدة؟ وما تأثير التطبيع العربي على شرعية القيادة؟

الفصل الأول: الخريطة السياسية الداخلية

  الفصائل الرئيسية وتأثيرها:

  • فتح (حركة التحرير الوطني الفلسطيني):

  1. تهيمن على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية منذ تأسيسها عام 1994 (اتفاق أوسلو).
  2. تُواجه انتقادات بسبب تعاونها الأمني مع إسرائيل، وتراجع شعبيتها بين الشباب.
  3. حماس (الحركة الإسلامية للمقاومة):تسيطر على قطاع غزة منذ 2007 بعد صراع دموي مع فتح، تعتمد على المقاومة المسلحة، حيث تعتبرها حكومة اسرائيل و امريكا بعمليات ارهابية.

فصائل أخرى:

  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (ماركسية).
  • الجبهة الديمقراطية (يسارية).
  • حركة الجهاد الإسلامي (إسلامية، أقوى في غزة).

  مؤسسات الحكم الرسمية:

منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف):الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني دوليًا، لكن نفوذها تراجع لصالح السلطة الفلسطينية بعد أوسلو،
يرأسها محمود عباس (أبو مازن) منذ 2004.
السلطة الفلسطينية: كيان حكم ذاتي مؤقت (مقرها رام الله)، تُدير شؤون المدنيين في أجزاء من الضفة.
تُواجه أزمة شرعية بسبب تأجيل الانتخابات منذ 2006، وتهميش قطاع غزة.

الفصل الثاني: التحديات الداخلية.. أزمات تعيق الوحدة

  الانقسام الفلسطيني (2007-الآن):

أسباب الانقسام:خلافات حول الاعتراف بإسرائيل، وطبيعة المقاومة.
صراع على السلطة والموارد بين فتح وحماس.
محاولات المصالحة الفاشلة:أكثر من 15 اتفاقية مصالحة (أبرزها اتفاق القاهرة 2011، اتفاق الدوحة 2022).
تعثّرت بسبب رفض تسليم حماس سلاحها، ورفض فتح مشاركة السلطة.

  أزمة الشرعية السياسية:

رئاسة محمود عباس:انتهت ولايته الدستورية عام 2009، لكنه ما زال في المنصب بسبب تعطيل الانتخابات.
فقدان الثقة به بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية.
غياب الانتخابات:آخر انتخابات تشريعية كانت عام 2006 (فازت بها حماس).
تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية مرارًا بحجج أمنية وسياسية.

الفصل الثالث: التفاعلات الإقليمية والدولية

  العلاقة مع إسرائيل: بين المفاوضات والمقاومة

مسار أوسلو (1993-2000): أدى إلى تأسيس السلطة الفلسطينية، لكنه فشل في إنهاء الاحتلال.
تعثّرت المفاوضات بسبب الاستيطان ومشكلة القدس واللاجئين.
المقاومة الشعبية والدبلوماسية: حملات الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة (العضوية المراقبة منذ 2012).
ملاحقة إسرائيل في المحاكم الدولية (مثل محكمة الجنايات).

  التطبيع العربي وتأثيره:

اتفاقات إبراهيم (2020): الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان تُطبّع مع إسرائيل مقابل وعود أمريكية.
ضربت التطبيعات فكرة "التضامن العربي"، وأضعفت الموقف الفلسطيني.
الدور المصري والقطري: مصر: وسيط رئيسي في المصالحة الفلسطينية وهدنات غزة.
قطر: دعم مالي لقطاع غزة، مما أثار توترات مع فتح.

  المانحون الدوليون: سلاح ذو حدين

الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة: تمويل السلطة الفلسطينية مشروط بشرطين: إدانة العنف، والتعاون الأمني مع إسرائيل.
الولايات المتحدة تقطع المساعدات في فترات متقطعة (مثل قرار ترامب 2018).
الدعم المالي الخليجي: تراجع بعد التطبيع، وتركيز دول مثل السعودية على مشاريعها الداخلية.

الفصل الرابع: الشباب والمجتمع المدني.. بصيص أمل؟

تحوّلات جيلية: 70% من الفلسطينيين تحت سن 30 عامًا، وهم أكثر تشكيكًا في جدوى الفصائل التقليدية.
ظهور حركات شبابية مستقلة (مثل "طلائع الغضب" في القدس).
دور منظمات المجتمع المدني: جمعيات حقوقية (مثل "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال") تكشف انتهاكات الاحتلال.
حملات إعلامية دولية عبر منصات مثل "تيك توك" لنشر الرواية الفلسطينية.

الخاتمة: هل يمكن إعادة بناء النظام السياسي؟

  السيناريو الأفضل يتطلب:

  1. إجراء انتخابات تشمل كل الفلسطينيين (داخل الأراضي المحتلة وفي الشتات).
  2. توحيد استراتيجية تجمع بين المقاومة والدبلوماسية.
  3. ضغط دولي حقيقي لوقف الاستيطان.
لكن الواقع الحالي يشير إلى استمرار الجمود، ما لم تحدث صدمة إقليمية (مثل حرب جديدة) أو تحوّل جذري في الموقف الأمريكي.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال